شاعر ومشاعر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شاعر ومشاعر

كلماتنا قنينة ومدادها مشاعرنا


    حديث نفس (3).....

    Ozlim
    Ozlim
    Admin


    المساهمات : 2094
    تاريخ التسجيل : 27/09/2015
    العمر : 63

    حديث نفس (3)..... Empty حديث نفس (3).....

    مُساهمة من طرف Ozlim الإثنين أكتوبر 10, 2022 3:25 am

    بداية أحب أن أنوه عن أنه ليس فقط الملاحدة ، هم من تسائلوا عن الله أو من حاولوا تفسيره ، بل جميعنا ، وفي مرحلة مبكرة من العمر ، أذكر جيدا في طفولتي ، كان شغلي الشاغل في فترة ما ، هو سؤال أمي عن الله ، فأقول لها من أين جاء الله ؟ وأين كان ؟ وهل له أعين ويد وقدم ؟ هل يتكلم مثلي أعنده فم مشيرة إلى فمي ؟ هل يسمعني الآن ؟ كل ذلك كان في السادسة من عمري أو قبل ذلك ، واذكر جيدا قبل التحاقي بالمدرسة ، كان لوالدي صديق من أقربائه ، يتردد عليه بصفة مستمرة ، له خلقة عظيمة ، في طوله على الأخص ، وربما في عرضه ، أو ربما لصغر حجمي آنذاك ، كنت أراه كذلك ! المهم أنني كنت أعتقد أنه هو الله !! فليسامحني الله ، غير مصرحة لأبي وأمي عن ذلك ، كان فقط في خيالي وحديثي لنفسي كلما جاء إلينا ، واستمر ذلك المعتقد لسنوات كثيرة معي حتى كبرت وفهمت ، ولكن كلما ذكرت الله جاءت صورة ذلك الرجل في عيني ، وتأزمت نفسي كثيرا لذلك ، حتى تخلصت من ذلك الربط ما بين اسم الله ، وذلك الرجل !!
    الشاهد : أن الأطفال عموما بمجرد انتباههم لذلك الأمر تبدأ أسئلتهم ، وإما أن يجاوب عنها بحكمة بالغة التناسب مع عقولهم الصغيرة الكبيرة تلك ، وإما أن يجاوب عنها بأساليب قد تخلق لديهم عدم قناعة دفينة ، تكبر لديهم مع تقدم العمر ، وتأخذهم إلى تخبطات لا نهاية لها حتى الهداية أو غير ذلك ..
    وقد انتهت قصة الأسئلة بالنسيان ، أو بالتناسي حتى مرحلة النضج الشبابي ، وكانت الفترة الأكثر تساؤل وتفكير وتأمل بعيدا عن قراءة القرآن ، كانت فقط الصلاة الغير منتظمة والمتقطعة ، والفكر الطاغي والمسيطر على قلبي وعقلي هو : ماذا بعد الموت ؟ وماذا سأرى ؟ ومن سأقابل ؟ وكيف الحياة الأخرى ؟ وليس لدي أية إجابة ، لسبع سنوات تعذبني نفسي بالتفكير والقلق واللانوم ،أما بعد ؟؟ كان بمثابة وسواس قهري يصب في تلك الأفكار تمنعني من النوم فعليا لساعات تضمن لي الكفاف من الراحة ، حتى بدأت في الإنتظام في قراءة القرآن الكريم ، وجاءتنى من الرؤى ما أقرت بها روحي ، وتوالت الأفكار تترا ، وأولها
    ( الجاثوم ) , وذلك لكثرة تردده أنذاك ، وسأفسر كيف من خلاله كانت رؤيتي ، وثانيهما الصوتان اللذان كنت أسمعهما يعتركان في نفسي وأنا صوت ثالث بينهما لا يكاد يأخذ فرصة التحكم فيهما ، إما لإسكاتهما معا إما لإسماعهما صوتي الثالث ، وكانا أحدهما كأنه ملاكا يتحدث ، والآخر شيطانا مؤذيا كنت أتأذى من سماع ضجيجه ، بأشياء لا أحتمل التعبير عنها أو إعادة الحديث فيها ، حتى بيني وبين ذاتي ، لكنهما كانا صوتان مستقلان منفصلان تماما عن تحكمي فيهما غير أنهما كانا بداخلي معتركهما ، وحلبة سباقهما ، وجبهة قتالهما ، لسنوات بقيا ينهكاني بحوارهما الذي أنصت إليه جيدا في نفسي ، وربما كانا رمزا للخير والشر بداخلي ، فتذكرت الفجور والتقوى ، وكنت دائما كلما سمعت أحدهما أقول له حضر باسمه ، كحضر الفجور بصوته الأجش ، وها هي التقوى بصوتها الرخيم تتحدث ..
    حتى أنني ظننت بأني قد تلبست بيا الشياطين ، والحمد لله ما كنت ل أؤذي أحدا غير أنني من تأذى بشدة وألم !!
    وكلما قرأت القرآن ، وسألت نفسي سؤلا أجبت نفسي بهدوء لترتاح لدي ولا أشقى ، ولم أكن لأضحك عليها كنت منطقية معها جدا وصارمة ، فلو قلت من أين أتى الله ؟ فذلك يجعلني أحدده بمكان وهو لايحده مكان ولا زمان ، وما الذي قد يفيدني لو أنني قد علمت ؟!! وعن شكله وحجمه وكيفيته ؟؟؟؟ ولو توافرت لي تلك المعلومات ما الجديد الذي سوف يطرأ علي؟! إنها أسئلة بدت لي سطحية طفولية بمجرد أن تنبهت لحدودي فأنا محدودة جدا سمعا وبصرا وعقلا ، وبي من الضعف ما إن اقتربت الشمس سنتيمترا واحدا من الأرض لاحترقت واحترقت الأرض من حولي ، فكيف بالذي خلق نورها أو نارها وهو الأشد منها ، والأقوى عليها !!!؟
    وبالمقابل هنا في نفسي روح تجعل بي حياة ، وأنا لا أستطيع رؤية روحي التي تسكنني وتقيمني وتقعدني ، أ سأرى مصدرها بكل تلك السهولة ؟؟!

    إننا نتخذ في حياتنا أساليبا وطرقا نربي بها صغيرنا ، ونقوم بها كبيرنا ، نثيب على الثواب ونعاقب على الخطأ ، لنهذب ونقوم ، وتسود الأخلاق الرفيعة ، وبالتالي تتحسن المعاملات ، ويسود الحب والعدل وتطهر النفوس بحب الخير لبعضها البعض ، فيذوب البغض والحقد والحسد !!
    فتأتي الأم وتقول إذا فعلت كذا سأأتي لك بلعبة ما ، أو آخذك في نزهة ما ، أو أفعل كذا وكذا ليصبح الطفل سعيدا مثابا على ما فعله ، وذلك عن الله قد أخذ ، في فطرتنا قد بث ونقش ، فلما نستغرب لو جعل الله من رؤيته وجنته ثوابا لمن أطاعه بالغيب ؟؟ هكذا حدثت نفسي ، حين كنت أقول لماذا لم يرينا الله ذاته ؟؟ ولو فعل فما الداعي إذن للإختبار ، والجنة والنار ؟؟
    وهل يسبق الثواب الإحسان ؟؟ وهل يؤجر العامل قبل إنجاز المهام؟؟
    إذن لدينا مهمة الإصلاح في أنفسنا أولا وقبل كل شيء ، ثم فيمن حولنا ، ولو أصلح الإنسان ذاته من الداخل ، لأصلح الخارج تلقائيا ، يقول تعالى: ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون )
    تأملت ماليا في هذه الآية لأشتم فيها رائحة بشر ، أو من ورائها حصول دنيا لمن قالها !!؟ فلم أجد !
    والله تعالى قد سمى نفسه بأسماء جليلة ، ووصف ذاته بصفات علا ، فكيف سيكون الله رزاقا أذا لم يحقق ذلك في خلقه فيرزقهم ؟؟ وكيف سيكون وهابا إن لم يهبهم ؟؟ ورحمانا إذا لم يرحمهم ؟؟ وصبورا إن لم يصبر عليهم ، و و و ....... إلخ
    وكيف تتحقق ألوهيته وربوبيته ، إذا لم يكن هناك خلق يقضي فيهم أقداره لتتجلى فيهم عدالته ورحمة ؟؟



    ومن قال بأن تسبيح الله وذكره لنفع الله ؟؟! حاشاه هو الغني عنا ، بل هي أدوية علاجية تصلح ما أفسده غضب من الأجواء حولنا ، وتنقي الأنفاس من أكيار السموم ، وقد عرف فزيائيا أن الأشياء من حولنا تتأثر بالحروف ، التي تخرج من أفواهنا سواءا التي حملت بالخير ، أو بالشر قد حملت ، وذكر أطيب الكلام يحيطنا بالطاقة المريحة والآمنة ، ويمحو الطاقات السلبية والسامة التي تؤثر علينا سلبا ، وأي الكلام أخير وأحسن من ذكر الله مهيء الحياة ؟؟
    ومن بين أحاديثي المبعثرة لزمن ، كنت أعاني من عدم إمكانية لملمة أشتاتي ومعاناتي ، فقدت ضرسان من أضراسي ، وكانت المعجزة أن نبت لي ضرس في سن متأخرة ، كنت أم لطفلين في ذلك الوقت !!وأراني وأنا أسنن مع أطفالي !! كانت تصيبني نوبات من الضحك الهستيري ، من عدم استيعابي لما يحدث لي ، المهم أن تبديل الأسنان اللبنية بأسنان دائمة ، استوقفني طويلا ، لأفكر في نفسي ، وأبحث عن إلهي في ، وعن حكمة تبديل الأسنان مرتين في العمر !! ولم لم تظل الأسنان معنا مدى الحياة ؟؟؟! مثل الحيوانات كالقطط مثلا والكلاب ، حيث استأنسنا الكثير منهم ولم نرى على مر حياتهم تبديل أسنان مثلنا ، بالرغم من أنهم رضعوا مثلنا ، ونبتت أسنانهم بفعل التغذية من خلال الرضاعة لا تستبدل أسنانهم ، لكن الأمر عندنا يختلف جدا ، وأمورا كثيرة ومفارقات في حياتي الحوارية مع ذاتي وتطورت الأفكار واتسعت دائرة التأملات ، وصار على من يتشكك أن يأتي هو بالبرهان على عدم وجوده سبحانه وتعالى ..
    وتبقى بقية مسيرة حياة ، سبيل المسافر في نور الإله ..

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 6:00 pm