حالة إنتبهت لجسد تحمله قدمي ، وكأنه ليس لي ! بل إنه جسد أثيري، لم أشعر بثقلي ، وكأنني روح ليس لها وزن على هذه الأرض ، انتبهت للذة من نوع أخر لذة حجمي متناهي الصغر ودقة أعضائي وضعف بنيتي رغم طولي وعودي بالمنظور البشري ، لكنني استشعرت روحي وقد تجردت من كل ما سواها ، وما هي إلا لحظات أو هي أدني ، وأدخل في طور أخر ، يزيد أثيريتي روح تستلهم مناجاة لم أدري ما هي ، وماذا أردد غير أنه أكثر من خاشع هائم ، وابتهالات لم أذكر منها سوى شعوري بهجة طفل ارتفعت به للتو أرجوحة في الهواء عاليا ، وظلت ترتفع وترتفع ولا تهبط أبدا في تلك اللحظات ، تذكرت حينها الطير الأبيض ، قد كنت أراقبه صباحا وهو في غمرة تحليقه ، لم يكن إعتياديا أبدا ، بل كان يشبه الفراشة في تحليقها ، فلم يترك جناحاه مفرودتان أو متروكتان الهواء يهوي بهما حيث شاء بل كانا يهتزان إهتزاز الفراشات المرحة فوق الزهور تبدي بهجة ، كل ذلك أحدث لي نوع من الإنفصال الأرضي شعرت للحظة أنني على اتصال بالسماء ، شيء غريب يربطني بالفضاء وما وراء الفضاء ، كانت لذة المهاتفة ، والإتصال والإنفصال ، والأثيرية ، كانت جنة أحببت فيها كل ما هو كائن من صنع الإله ، أحببت الهواء ورب الهواء ، وليس ثمة شك أن ما وراء كل ذلك جنة أهفو لوصلها والوصول إليها .